الذكـــــــر
هو ما يجري على اللسان والقلب؛ من تسبيح اللّه _ تعالى _ وتنزيهه، وحمده، والثناء عليه، ووصفه بصفات الكمال، ونعوت الجلال والجمال.
1ـ وقد أمر اللّه بالإكثار منه، فقال: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً " [ الأحزاب: 41، 42].
2ـ وأخبر أنه يذكُر من يذكره، فقال: " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ " [البقرة: 152]. وقال في الحديث القدسي الذي رواه البخاري، ومسلم: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسِه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منه، وإن اقترب إليَّ شبراً، تقرَّبْت إليه ذراعاً، وإن اقترب إلي ذراعاً، أقتربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هَرْوَلَةً"
3ـ وأنه، سبحانه، اختص أهل الذكر بالتفرد والسبق، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: "سبق المُفرِّدون". قالوا: وما المُفرِّدُون يا رسول اللّه ؟ قال: "الذّاكرونَ اللّهَ كثيراً والذّكرات". رواه مسلم
4ـ وأنهم هم الأحياء على الحقيقة، فعن أبي موسى، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل الذي يذكرُ ربه والذي لا يذكر، مثل الحي والميت". رواه البخاري.
5ـ والذكر رأس الأعمال الصالحة، من وُفّق له، فقد أُعطي منشور الولاية، ولهذا كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يذكر اللّه على كل أحيانه، ويوصي الرجل الذي قال له: إن شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ، فأخبرني بشيء أتشبث به ؟ فيقول له: "لا يزالُ فُوكَ رطباً من ذكر اللّه". ويقول لأصحابه: "ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والوَرِق، وخير لكم من أن تَلْقُوا عدُوَّكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم ؟" قالوا: بلى يا رسول اللّه، قال "ذِكر اللّه". رواه الترمذي، وأحمد، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
6ـ وأنه سبيل النجاة، فعن معاذ _ رضي اللّه عنه _ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما عمل آدمي عملاً قط أنجى له من عذاب اللّه، من ذكر اللّه عز وجلّ". رواه أحمد.
7ـ وعند أحمد، أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن ما تذكرون من جلال اللّه _ عز وجل _ من التهليل، والتكبير، والتحميد يتعاطفن حول العرش لهن دَوِيٌّ كدوي النحل، يذكِّرن بصاحبِهن، أفلا يُحب أحدكم أن يكون له ما يُذَكر به ؟"
حـــد الذكــر الكثيــــر
أمر اللّه، جل ذكره، بأن يُذكَرَ ذكراً كثيراً، ووصف أولي الألباب، الذين ينتفعون بالنظر في آياته، بأنهم: " الَّذِينَ يَذُْرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ " [ آل عمران:191]، "وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً " [ الأحزاب: 35]. وقـال مجاهـد: لا يكـون مـن الذاكريـن اللّهَ كثيـراً والذاكرات، حتى يذكر اللّه قائماً، وقاعداً، ومضطجعاً.
وسئل ابن الصلاح، عن القدر الذي يصير به من الذاكرين اللّه كثيراً والذاكرات ؟ فقال: إذا واظب على الأذكار المأثورة المثبتة، صباحاً ومساء، في الأوقات، والأحوال المختلفة، ليلاً ونهاراً، كان من الذاكرين اللّه كثيراً والذاكرات. وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس _ رضي اللّه عنهما _ في هذه الآيات، قال: إن اللّه _ تعالى _ لم يفرض على عباده فريضة، إلا جعل لها حدّاً معلوماً، وعَذر أهلها في حال العذر، غير الذكر؛ فإن اللّه لم يجعل له حدّاً ينتهي إليه، ولم يعذر أحدّاً في تركه، إلا مغلوباً على تركه، فقال: " فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ " [ النساء: 103]. بالليل والنهار، في البر والبحر، وفي السفر والحضر، والغنى والفقر، والسقم والصحة، والسر والعلانية، وعلى كل حال.
شمـــول الذكـــر كل الطاعـــات
قال سعيد بن جبير: كل عامل للّه بطاعة للّه، فهو ذاكر للّه. وأراد بعض السلف أن يخصص هذا العامّ، فقصر الذكر على بعض أنواعه، منهم عطاء، حيث يقول: مجالس الذكر؛ هي مجالس الحلال والحرام، كيف تشتري وتبيع، وتصلي وتصوم، وتنكح وتطلق، وتحج، وأشباه ذلك. وقال القرطبي: مجلس ذكر، يعني مجلس علم وتذكير، وهي المجالس التي يذكر فيها كلام اللّه وسنة رسوله، وأخبار السلف الصالحين، وكلام الأئمة الزهاد المتقدمين، المبرأة عن التصنع والبدع، والمنزهة عن المقاصد الردية والطمع.
أدب الذكـــــر
المقصود من الذكر تزكية الأنفس، وتطهير القلوب، وإيقاظ الضمائر، وإلى هذا تشير الآية الكريمة: " وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ " [العنكبوت: 45]. أي؛ أن ذكر اللّه في النهي عن الفحشاء والمنكر، أكبر من الصلاة، وذلك أن الذاكر حين ينفتح لربه جَنانه ويلهج بذكره لسانه، يمده اللّه بنوره، فيزداد إيماناً إلى إيمانه، ويقيناً إلى يقينه، فيسكن قلبه للحق، ويطمئن به: " الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ " [ الرعد: 28].
وإذا اطمأن القلب للحق، اتجه نحو المثل الأعلى، وأخذ سبيله إليه دون أن تلفته عنه نوازع الهوى، ولا دوافع الشهوة، ومن ثَمَّ عظم أمر الذكر، وجل خطره في حياة الإنسان ومن غير المعقول، أن تتحقق هذه النتائج بمجرد لفظ يلفظه اللسان؛ فإن حركة اللسان قليلة الجدوى، ما لم تكن مواطئة للقلب، وموافقة له، وقد أرشد اللّه إلى الأدب الذي ينبغي أن يكون عليه المرء أثناء الذكر، فقال: " وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآْصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ " [ الأعراف: 205].
والآية تشير إلى أنه يستحب:
- أن يكون الذكر سرّاً، لا ترتفع به الأصوات، وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من الناس رفعوا أصواتهم بالدعاء في بعض الأسفار، فقال: "يا أيها الناس، ارْبَعُوا على أنفسكم؛ فإنكم لا تَدْعون أصمَّ ولا غائباً، إن الذي تدعونه سميع قريب، أقربُ إلى أحدِكم من عُنق راحلته". كما تشير إلى حالة الرغبة والرهبة التي يحسن بالإنسان أن يتصف بها عند الذكر.
- ومن الأدب، أن يكون الذاكر نظيف الثوب، طاهر البدن، طيب الرائحة؛ فإن ذلك مما يزيد النفس نشاطاً.
- ويستقبل القبلة ما أمكن؛ فإن خير المجالس ما استقبل به القبلة.
الإثنين مايو 27, 2013 2:42 pm من طرف البيلسان
» بداية العام الجديد_ وسنه خير وبركة
الأحد يناير 01, 2012 3:26 am من طرف البيلسان
» الى كل احلامنا المتأخرة
الخميس يوليو 14, 2011 10:08 pm من طرف البيلسان
» دعاء....يارب
الأربعاء يوليو 13, 2011 8:37 pm من طرف البيلسان
» قبل ان تكتب في المنتدى الديني :ارجو الانتباه
السبت مارس 12, 2011 10:33 pm من طرف البيلسان
» طرفة نادرة
الأحد فبراير 13, 2011 2:40 am من طرف البيلسان
» يــــــــــامن يحرم اطفالي عيشا بسلام
الأحد فبراير 13, 2011 2:38 am من طرف البيلسان
» من غير فلسطين شو يعني طفوله_ نشيد طفولي رائع
الأحد فبراير 13, 2011 2:33 am من طرف البيلسان
» يحيى عياش/ رجل المستحيل في ذكرى استشهاده
الإثنين فبراير 07, 2011 2:42 am من طرف البيلسان