قال بعض السلف : " القصص جنود الله " يعني أن المعاند لا يقدر يردها.
فأول ذلك : ما قص الله سبحانه عن آدم ، وإبليس ، إلى أن هبط آدم وزوجه إلى الأرض . ففيها من إيضاح المشكلات ما هو واضح لمن تأمله ، وآخر القصة قوله تعالى : قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . وفي الآية الأخرى : فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا إلى قوله وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى .
وهداه الذي وعدنا به : هو إرساله الرسل . وقد وفى بما وعد سبحانه ، فأرسل الرسل مبشرين ومنذرين ، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل . فأولهم : نوح . وآخرهم : نبينا صلى الله عليه وسلم . فاحرص يا عبد الله على معرفة هذا الحبل ، الذي بين الله وبين عباده ، الذي من استمسك به سلم ، ومن ضيعه عطب .
فاحرص على معرفة ما جرى لأبيك آدم ، وعدوك إبليس ، وما جرى لنوح وقومه ، وهود وقومه ، وصالح وقومه ، وإبراهيم وقومه ، ولوط وقومه ، وموسى وقومه ، وعيسى وقومه ومحمد صلى الله عليه وعليهم وسلم وقومه .
واعرف ما قصه أهل العلم من أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وقومه وما جرى له معهم في مكة ، وما جرى له في المدينة .
واعرف ما قص العلماء عن أصحابه وأحوالهم وأعمالهم . لعلك أن تعرف الإسلام والكفر . فإن الإسلام اليوم غريب وأكثر الناس لا يميز بينه وبين الكفر . وذلك هو الهلاك الذي لا يرجى معه فلاح .
وأما قصة آدم ، وإبليس : فلا زيادة على ما ذكر الله في كتابه . ولكن قصة ذريته . فأول ذلك أن الله أخرجهم من صلبه أمثال الذر ، وأخذ عليهم العهود : أن لا يشركوا به شيئا ، كما قال تعالى وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج . ورأى فيهم رجلا من أنورهم . فسأله عنه؟ فأعلمه أنه داود . فقال : كم عمره؟ قال : ستون سنة . قال : وهبت له من عمري أربعين سنة ، وكان عمر آدم ألف سنة . ورأى فيهم الأعمى والأبرص والمبتلى . قال : يا رب لم لا سويت بينهم ؟ قال إني أحب أن أُشْكَر . فلما مضى من عمر آدم ألف سنة إلا أربعين أتاه ملك الموت . فقال : إنه بقي من عمري أربعون سنة . فقال : إنك وهبتها لابنك داود . فنسي آدم فنسيت ذريته ، وجحد آدم فجحدت ذريته .
فلما مات آدم بقي أولاده بعده عشرة قرون على دين أبيهم ، دين الإسلام . ثم كفروا بعد ذلك . وسبب كفرهم الغلو في حب الصالحين . كما ذكر الله تعالى في قوله وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وذلك أن هؤلاء الخمسة قوم صالحون كانوا يأمرونهم وينهونهم . فماتوا في شهر . فخاف أصحابهم من نقص الدين بعدهم . فصوروا صورة كل رجل في مجلسه لأجل التذكرة بأقوالهم وأعمالهم إذا رأوا صورهم ، ولم يعبدوهم . ثم حدث قرن آخر فعظموهم أشد من تعظيم من قبلهم ، ولم يعبدوهم . تم طال الزمان ، ومات أهل العلم . فلما خلت الأرض من العلماء : ألقى الشيطان في قلوب الجهال : أن أولئك الصالحين ما صوروا صور مشايخهم إلا ليستشفعوا بهم إلى الله ، فعبدوهم .
فلما فعلوا ذلك : أرسل الله إليهم نوحًا عليه السلام ، ليردهم إلى دين آدم وذريته الذين مضوا قبل التبديل ، فكان من أمرهم ما قص الله في كتابه ، ثم عَمَرَ نوح وأهلُ السفينة الأرض ، وبارك الله فيهم ، وانتشروا في الأرض أممًا ، وبقوا على الإسلام مدة لا ندري ما قدرها ؟
ثم حدث الشرك . فأرسل الله الرسل . وما من أمة إلا وقد بعث الله فيها رسولا يأمرهم بالتوحيد وينهاهم عن الشرك . كما قال تعالى وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ وقال تعالى ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ .
ولما ذكر القصص في سورة الشعراء ختم كل قصة بقوله إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ
فقص الله سبحانه ما قص لأجلنا . كما قال تعالى لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى .
ولما أنكر الله على أناس من هذه الأمة - في زمن النبي صلى الله عليه وسلم - أشياء فعلوها قال أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ .
وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص على أصحابه قصص من قبلهم ، ليعتبروا بذلك .
وكذلك أهل العلم في نقلهم سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما جرى له مع قومه ، وما قال لهم ، وما قيل له .
وكذلك نقلهم سيرة الصحابة ، وما جرى لهم مع الكفار والمنافقين ، وذكرهم أحوال العلماء بعدهم . كل ذلك لأجل معرفة الخير والشر .
إذا فهمت ذلك :
فاعلم أن كثيرا من الرسل وأممهم لا نعرفهم ؛ لأن الله لم يخبرنا عنهم لكن أخبرنا عن عاد ، التي لم يخلق مثلها في البلاد . فبعث الله إليهم هودا عليه السلام . فكان من أمرهم ما قص الله في كتابه وبقي التوحيد في أصحاب هود إلى أن عُدم بعد مدة لا ندري كم هي؟ وبقي في أصحاب صالح . إلى أن عدم مدة لا ندري كم هي ؟
عن: وزارة الشؤونالإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد/ السعودية
الإثنين مايو 27, 2013 2:42 pm من طرف البيلسان
» بداية العام الجديد_ وسنه خير وبركة
الأحد يناير 01, 2012 3:26 am من طرف البيلسان
» الى كل احلامنا المتأخرة
الخميس يوليو 14, 2011 10:08 pm من طرف البيلسان
» دعاء....يارب
الأربعاء يوليو 13, 2011 8:37 pm من طرف البيلسان
» قبل ان تكتب في المنتدى الديني :ارجو الانتباه
السبت مارس 12, 2011 10:33 pm من طرف البيلسان
» طرفة نادرة
الأحد فبراير 13, 2011 2:40 am من طرف البيلسان
» يــــــــــامن يحرم اطفالي عيشا بسلام
الأحد فبراير 13, 2011 2:38 am من طرف البيلسان
» من غير فلسطين شو يعني طفوله_ نشيد طفولي رائع
الأحد فبراير 13, 2011 2:33 am من طرف البيلسان
» يحيى عياش/ رجل المستحيل في ذكرى استشهاده
الإثنين فبراير 07, 2011 2:42 am من طرف البيلسان